فـيروز : جارة القمر
الصوت العريق الذي لم يكن له مثيل على مدى التاريخ المنظور للغناء العربي، الصوت الذي لم يقلد أحدا.. وما أكثر الذين حاولوا تقليده ولكن دون جدوى.. وليس سراً القول بأن ما يفسر القدرة الفائقة في الأداء الغنائي لفيروز كون صوتها يصنف في عداد الأصوات الاوبرالية التي تتمتع بمجال صوتي واسع منحها القدرة على الحرية في التنقل النغمي ضمن هذا المدى الواسع، الذي امتزج بوشائج اللحن والصوت والأداء لمنطقة البحر الأبيض المتوسط ما جعل أغانيها تصل الى المستمع الغربي لتجد عنده الاستجابة والقبول. اشتهرت بالإحساس الموسيقي وسرعة الحفظ حيث كانت أذناها تلتقط الموسيقى بسرعة و بسهولة.
المولد والنشأة
اسمها الحقيقي نهاد ابنة وديع حداد صاحب مطبعة في لبنان ولدت في سنة 1935 و هي شقيقة هدى و آمال و جوزيف .
نشأت في أسرة فقيرة تعيش على كفاح الأب الذي يقتصد من دخله القليل ليعلم أبناءه , ألحق نهاد ( فيروز ) بمدرسة القديس يوسف الابتدائية .
حين ظهر نبوغها في أداء الأناشيد المدرسية و أصبحت موضع إعجاب مدرساتها اللواتي أخذن يظهرنها في الحفلات المدرسية كصاحبة أجمل صوت في المدرسة .
انتقلت من مدرسة القديس يوسف إلى مدرسة مجانية هي مدرسة المعارف الوطنية .
و في إحدى الحفلات المدرسية التي اشتركت فيها بالغناء و كان ذلك عام 1949 أي في الرابعة عشرة من عمرها , استمع إليها المدرس الموسيقي الأستاذ سليم فليفل , فأعجب بصوتها و نصح والدها أن يوجهها موسيقياً و أن يلحقها في المعهد الموسيقي فوافق بعد أن تأكد من أن الدراسة في المعهد مجانية نظراً لفقره و بعد فترة قصيرة على انتسابها تبناها الاستاذ سليم فليفل و وضعها في فرقته الإذاعية .
و من هنا انطلقت نهاد حداد و أصبح لقبها فيروز و في حينها لفت نظر سكرتير برامج الإذاعة , الذي وجد في صوتها معدناً نادراً مما جعله يتصل برئيس القسم الموسيقي ليخبره عن ذلك .
كان آنذاك رئيس القسم الموسيقي الفنان حليم الرومي الذي سمعها و أعجب بصوتها و في عام 1962 في مبنى الإذاعة الجديد سمعها أيضاً رئيس القسم الموسيقي الجديد الأستاذ توفيق الباشا فأعجب بصوتها بعد أن عملت في الكورس بأجر شهري قدره 100 ليرة لبنانية . و ذلك ما بين عام 1949 و عام 1955 . و استفادت فيروز من عملها في الكورس حيث انصقلت موهبتها بتعلمها طريقة كل مطرب و مطربة أصول الغناء .
كما غنت معهم كثيراً من الألوان الغنائية من أدوار و موشحات و أغاني راقصة . بعد ذلك قدمها الأستاذ حليم الرومي إلى الملحن الشاب عاصي الرحباني فأعجب جداً بصوتها و بدأ يقدم لها الأغاني العديدة باسم الأخوين رحباني أي مع شقيقه منصور و هذان الشابان ليسا ملحنان فحسب بل شاعران موهوبان كذلك .
أهم أعمالها
أول لحن غنته فيروز للأخوين رحباني أغنية غروب و لكن اللحن الذي عرفته فيروز هو اللحن الراقص المترجم بعنوان ماروشكا . ثم غنت لحناً بعنوان عتاب و الذي كان منطلقاً لشهرتها حيث دعيت إلى إذاعة الشرق الأوسط و الإذاعة السورية لتغني فيهما . كما غنت لكثير من الملحنين اللبنانيين منهم : توفيق باشا , جورج فرح , سليم الحلو , مدحت عاصم و غيرهم الكثير بعد أن تم الزواج بينها و بين الأستاذ عاصي الرحباني عام 1955 .
أما الاسكتشات فسجلت من بينها عروس المواسم و جيران البحر و ابن هند و في عام 1954 نالت فيروز شهرة شعبية و ذلك في أغنيتها المشهورة ( يابالالا ) التي أحبها كافة طبقات الشعوب في العالم العربي.
كما سجلت العديد من أغانيها في إذاعة مصر التي بدأت تذيع كافة أغانيها المسجلة على اسطوانات صوت الشرق.
و بعد عودتها إلى لبنان رزقت بمولودها الأول الذي يعتبر من أعز ذكرياتها و أسمته زياد الذي ولد في الأول من كانون الثاني عام 1956 .
و قد بلغ مجموع ما غنته فيروز ما يقارب 900 أغنيه أكثرها من النوع الراقص .
و بعد ذلك بدأت تغني ألحانها العربية بالفرنسية و الانكليزية . كما استدعت الإذاعة المصرية فيروز و الرحبانيان لتغني فيروز جميع تراث الموسيقار الكبير درويش و داوود حسني .
و قد اشتركت فيروز بمعظم المهرجانات الدولية و غنت فيها منفذة لما خططه الرحبانيان , و قد أعجب بها الموسيقار الكبير عبد الوهاب الذي لحن لها بعض الأغاني التي نالت شهرة كبيرة من الوسط الفني و التي كان أشهرها سكن الليل و لازالت فيروز تستمر في تقديم جميع الألوان الغنائية بصوتها المخملي لتتحف العالم بأسره